كلمة المحرر: محمود توفيق

كلمــة المحـــرر

محمــود توفيــق

هذا هو العدد الأول من الملحق الأدبى والفنى لمجلة اليقظة العربية، نتقدم به إلى القارئ راجين أن ينال بعض رضاه، وآملين أن يصفح عما به من عيوب ونواقص، ترجع أساسا إلى ما يصاحب بداية أى عمل من أوجه القصور.
ونحن نعرف أن نقطة الضعف الأساسية فى هذا العدد من الملحق، هو انه محرر - كله تقريبا - بأقلام مصرية، وهذا مانرجو أن نتلاقاه تدريجيا فى الأعداد القادمة، حتى يكون تحرير هذا الملحق مشتركا، بأقلام عربية من كل الأقطار، غير أن ذلك يتوقف على مدى استجابة الأدباء والفنانين فى سائر الاقطار العربية لدعوتنا إليهم بموافاتنا بالموضوعات والمواد المناسبة للنشر، مع مراعاة الإمكانات المحددة بالحيز المتاح فى هذا الملحق.
يشتمل هذا العدد من الملحق - فيما يشتمل - على ملف عن الكاتب الراحل سعد مكاوى، ونحن نقدم هذا الملف، عن هذا الكاتب، كما سوف نفعل مع غيره من الكتاب والفنانين إن شاء الله، لنشر المعرفة بهم لدى القراء فى مختلف أقطارنا العربية تحقيقا لما نلتزم به من العمل على زيادة التعارف والتقارب والتجانس بين الجماهير العربية، فى سائر أقطارها، فكريا ووجدانيا، من خلال الأدب والفن.
ولكن لماذا نبدأ بسعد مكاوى؟
ليس السبب الرئيسى الذى يدعونا إلى البدء به، هو أن صدور هذا العدد يصادف الذكرى السنوية لميلاده، ويقارب الذكرى السنوية لوفاته، رغم أن هذا صحيح، وليس السبب أيضا أنه كاتب وفنان عظيم، على ما يشهد به إنتاجه، سواء من حيث رفعة المستوى الفنى، أو من حيث سمو المحتوى المعنوى والإنسانى لهذا الإنتاج، رغم أن هذا أيضا صحيح، وليس السبب أيضا أن سعد مكاوى قد ارتفع طيلة حياته، وحتى يوم مماته، بأدبه وفنه، كما ارتفع بنفسه، فوق كل الصغائر، وكل الإغراءات وكل الإحباطات التى أحاطت به من كل جانب، وأنه دفع ثمنا باهظا لذلك، إلى أن خرج من الدنيا وهو لا يملك إلا رصيده العظيم من المجد والشرف.
ولكننا نبدأ بسعد مكاوى، إنصافا له مما حل به من الجور والغبن فى حياته، ليس فقط من الوجهة المادية، بل فى المحل الأول، من الوجهة الأدبية والمعنوية.
يكفى أنه كان يعانى الأمرين - فى السنوات الأخيرة من حياته، وهو فى قمة نضجه وعطائه، فى سبيل نشر كتاب أو رواية، أو حتى قصة قصيرة، فى حين أنه كان فى مستهل شبابه كاتبا ذائغ الصيت، قبل أن يبدأ الكثيرون من كبار الكتاب رحلتهم إلى الشهرة.
ويكفى دليلا على ماحل بسعد مكاوى من الجور والإجحاف، أنه - رغم كل ما قدمه من إنتاج غزير رائع - لم يحصل على أية جوائز من الدولة فى مصر، فى حين منحت جوائز الدولة التقديرية - مرارا - لكتاب عديدين، ممن يسبقهم سعد مكاوى بأشواط بعيدة. ولا يلام سعد مكاوى على ذلك طبعا، إنما الذى يستحق أشد اللوم، هى أجهزة الدولة المختصة بشئون الثقافة فى مصر، وفى مقدمتها المجلس الأعلى للثقافة، بقوانينه ونظمه العاجزة والقاصرة، وبلجانه التى أصبحت مضغة فى الأفواه، لشدة ما تتسم به أعمالها من الهزل والعبث، وقراراتها من خضوع للأهواء والمصالح والدوافع الشخصية، بحيث باتت الحاجة ماسة إلى إصلاح هذه الأوضاع المختلة فى أقرب وقت مستطاع، حفاظا على الأدب والفن والثقافة فى مصر، بل حفاظا على سمعة مصر كلها.

لذلك فنحن نشعر بأن من حق سعد مكاوى علينا، أن نجهر بكلمة الحق والعدل والإنصاف لهذا الكاتب العظيم المغبون، حتى يعرف أبناؤه، وحتى يعرف الجيل الشاب فى مصر وفى العالم كله، أن الدنيا مازالت بخير، وانصاف أبنائها المخلصين، ولو بعد حين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق